هل تعرف ما القيم التي تهدينا إليها سورة الملك؟، سورة الملك من السور الأخيرة في القرآن الكريم، وهي السورة التي تختتم الجزء الثاني منه واسمها تبارك لأنها تبدأ بتلك الآية ( تبارك الذي بيده الملك )، كما أن سبب تسميتها بالملك أن آياتها الأولى فيها توحيد لله فهو المالك الوحيد لهذه الأرض وما تحمله على سطحها وما تخفيه في جوفها وهو مالك السماوات ومن فيهن، فلا ينازعه أحدًا في الملك ولا شريك له، وهو الذي يدبر الأمر ولا تستطيع أي دابة أن تنقاد في طريق غير مكتوبًا لها عند الله، فكل شئ عند رب العالمين بقدر، وبمشيئته تدور الأحداث على هذه الأرض وفي السماوات، فهو الغني ولن يرث الأرض بعد موت الخليقة سواه، وهناك أسماء أخرى غير الملك وتبارك لهذه السورة سنتحدث بشأنها في هذا الموضوع على موقع مطبخك .
ما القيم التي تهدينا إليها سورة الملك؟
لعلك تتسائل ما القيم التي تهدينا إليها سورة الملك؟، في الحقيقة هذه السورة تهدينا للكثير من الأمور أهمها:
- التدبر في خلق الله وقدرته على صنع هذا الكون في وقت قصير، فلتتمعن معي في هذه الآية ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ). وتفسيرها أن هذه السماوات التي تراها تغلف سقف الكون فوقك عددها 7 ومهما حاولت لن تستطيع أن تحصي طبقاتها بنظرك لأنها واسعة وعميقة ومليئة بالأجرام السماوية والكواكب والكثير من المجرات فهذا صنع الله الذي لا يضاهيه أي صنيع، وقال تعالى بعد هذه الآية ( فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ثمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِير). أي يا عبدي انظر للسماء هل ترى فيها خلل؟!، إنها متناسقة لا يوجد فيها أي عيب، ومع تأملك مرتين في السماء ستجد أن نظرك يعود لك تدريجيًا وهو صاغرًا أمام هذا الإبداع الذي لا مثيل له.
- وفي الملك أيضًا معلومات مهمة منها أن تلك النجوم التي نراها ليست مجرد قناديل مضيئة تنير السماء وتزيدها جمالًا، بل تعتبر أيضًا منارة يهتدي بها الأفراد فقد كانوا يعتمدون عليها في تحديد الاتجاهات، كما تقوم بمهمة توزيع غاز الأكسجين وغيره من الغازات الجوية على الأرض، هذه المعلومات الحقيقية عنها لكن ما ذكر عنها في سورة الملك أنها حارقة الشياطين المتجسسة على أخبار السماء، وأنها زينة لكل من يراها لكي يستطيع استخدام بصره بما يسره ويبهج قلبه ويمنحه السعادة وهذا أيضًا فيه دعوة للتدبر.
- تهدينا الملك إلى معرفة جزاء الكافرين كموعظًة لنا ولكي نتجنب أفعالهم ونتبرأ منها، وهذا العذاب هو نار جهنم ووصفت في سورة الملك بانها لها صوت وهي تحرق أجسادهم وتغلي من تحتهم ووصفت بتلك الكلمة ( وهي تفور ) وهذا دليل على أنها متحركة وتتصاعد في مكانها وكأنها تريد أن تخرج من حفرتها لتأخذ المزيد من الكافرين وتلتهم فيهم.
ما قصة عزيز اليهودي؟
وبعد أن عرفت ما القيم التي تهدينا إليها سورة الملك سنخبرك بقصة جميلة جدًا عن عزيز اليهودي الذي كان يجوب أرجاء القدس بدابته، وهي من قصص سورة البقرة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن (لكل شيء سناما وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليالٍ). كان عزيز رجل صالح ذهب بحماره قرب قرية كانت خاوية من السكان بسبب ظلم الملك الذي كان يحكمها والذي أودى بحياة أهلها، فنظر إلى الأطلال وإلى هذا الخراب وهو يقول باستغراب ( أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا )، فمات وهو في مكانه ومعه طعامه الذي كان يتناوله وظلت جثته هكذا لمدة 100 عام، ثم رد الله إليه روحه فأفاق على ملك يسأله المدة التي بقي فيها جالسًا هكذا فلم يكن الرجل يعلم كم من المدة لبث وعندما نظر لطعامه ووجده سليم قال يومًا أو بعض يوم، لكن الملك أخبره بانه لبث 100 سنة، ثم أظهر له الدليل فأمره بأن ينظر لحماره فرآه هيكلًا من العظم، فقام بإعادة تعميره ليصبح بلحم وعروق ودماء حتى تشكل أمام عينيه وردت فيه الروح أيضًا وأصدر صوت النهيق، حينها قال عزيز وهو موقن بما يقول ( أعلم أن الله على كل شئ قدير ).